Joined-up government
جاء في خطاب العرش الأخير " أدعو الحكومة ... اعتماد نصوص قانونية تنص من جهة، على تحديد أجل أقصاه شهر، لعدد من الإدارات، للرد على الطلبات المتعلقة بالاستثمار، مع التأكيد على أن عدم جوابها داخل هذا الأجل، يعد بمثابة موافقة من قبلها، ومن جهة ثانية على أن لا تطلب أي إدارة عمومية من المستثمر وثائق أو معلومات تتوفر لدى إدارة عمومية أخرى؛ إذ يرجع للمرافق العمومية التنسيق فيما بينها وتبادل المعلومات، بالاستفادة مما توفره المعلوميات والتكنولوجيات الحديثة ". هذه الفقرة من الخطاب الملكي ترسم خريطة طريق جديدة أمام سياسة تحديث الإدارة في بلادنا. وتجعل الحكومة المغربية أمام تحدي بالغ الأهمية يذكرنا بمبادرة الحكومة المندمجة « joined-up government » التي اعتمدتها المملكة المتحدة عام 1997، وغدت منذئذ إحدى الممارسات الفضلى المتطورة عالميا في مجال إصلاح الحكامة وتحسين أساليب تقديم الخدمات العمومية للمواطنين.
فماذا يعني بالضبط مفهوم الحكومة المندمجة؟ وكيف كانت تجلياته الإدارية والعملية في الإدارة البريطانية؟ وما هي يا ترى حظوظ تطبيق هذا النظام في حالة الإدارة المغربية؟
فيما يتعلق بدلالة هذا المفهوم فهو يتمحور حول ضرورة قيام الحكومة ب " تنسيق أنشطة مختلف مؤسسات القطاع العام بطريقة تجعل المرتفقين الذين يتلقون الخدمات في نهاية المطاف غير متأثرين إطلاقا بالحدود القائمة بين هذه المؤسسات" بعبارة أخرى هي " عمل الإدارات أو القطاعات أو مستويات الحكومة بشكل تعاوني بينها لمعالجة القضايا المعقدة العابرة للحدود بين هذه القطاعات أو المستويات".
أما تطبيقات هذا النظام في بريطانيا فقد تمثلت في تحسين دمج وتنسيق الإدارات ومستويات الحكومة والوكالات والمهن للعمل معاً لتحقيق الأهداف المشتركة وحل المشكلات المعقدة بشكل تضامني، مما رفع من جودة تقديم الخدمة العمومية للمواطن البريطاني بحيث لا يشعر ولا يعاني من واقع وجود إدارات متعددة عند تلقيه لأي خدمة عمومية. ذلك أنه يكفيه الاتصال بإدارة واحدة للقيام بالمعاملات الإدارية التي تخصه. وهو ذات الأمر الذي تسعى الإدارة الفرنسية للوصول إليه حاليا تحت شعار " صرح لنا بالأمر مرة واحدة "Dites-le nous une seule fois"
وأخيرا، هل يمكن لهذه الممارسة التدبيرية المتقدمة أن تعرف طريقها نحو التطبيق في الإدارة المغربية؟ إن تساؤلا من هذا القبيل لم يعد له أي مبرر بعد ما ورد من تعليمات واضحة في الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش الأخير: ينبغي من الآن فصاعدا "على أن لا تطلب أي إدارة عمومية من المستثمر وثائق أو معلومات تتوفر لدى إدارة عمومية أخرى". ترى هل ستتمكن الحكومة من إرغام الإدارات، كل الإدارات والقطاعات التابعة لها، على التعاون والتنسيق الفعلي والتلقائي فيما بينها لجعل الفعل الاستثماري في المغرب يستفيد من ايجابيات الحكومة المندمجة، كمرحلة أولى، في انتظار تعميم التجربة لتشمل مختلف المعاملات الإدارية الأخرى التي ليست لها بالضرورة علاقة بالفعل الاستثماري؟ ذلك ما نتمناه صادقين...
المرصد المغربي للإدارة العمومية